عندما ندعو يهودياً أو نصرانياً أو مجوسياً؛ فإنما ندعوه إِلَى أمر يعلمه في نفسه ولا ندعوه لأن يصرف فطرته إِلَى أمر لم يخلق عليه، ويشهد لذلك من دخل في الإسلام من غير الْمُسْلِمِينَ، فكثير منهم يصرح ويقول: إنني لم أذهب إِلَى الكنيسةِ في حياتي قط منذ أن وعيت وأدركت إلا وأنا أشعر بفطرتي أن هذا الدين باطل.
وبعد أن أسلم بعض القساوسة يقول: كنت أحس بنفسي أن هذا ليس هو دين الله عَزَّ وَجَلَّ، فلمّا قرأت عن الإسلام كتاب كذا وكتاب كذا وترجمة معاني القرآن، وجدت أن هذا هو الذي أشعر به في فطرتي.
وهكذا نفهم ونستنتج منه أيضاً دليلاً حسياً حقيقياً عَلَى أننا عندما ندعو أي إنسان إِلَى دينِ الإسلام، فإننا ندعوه إِلَى ما هو في فطرته التي خلقه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عليها لا ندعوه إِلَى أمر يخالف ذلك، ومن هنا دخل أقوام كثيرون في دين الله مع أن كثيراً منهم يجهل كثيراً مما جَاءَ به الإسلام، لكنهم يدركون أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حق وأنه إله واحد، وأنه رب السماوات والأرض.

ولهذا كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إذا أرسل جيشاً يَقَولُ: [[إذا حاصرتم قلعةً أو حصناً أو قوماً فأخرج أحدهم يده وأشار إِلَى السماء فاقبلوا منه]] وهذا يستدل به عَلَى إثبات العلو، وأنه فطري، وأن الإيمان بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فطري، فمن عبر بالإشارة حيث لا يستطيع أن يعبر باللسان فتعبيره مقبول، ومن هنا كَانَ أول واجب عَلَى الإِنسَان هو شهادة أن لا إله إلا الله وهو توحيد الله.